تفسير سورة الكافرون
﴿ قُل يا أَيُّهَا الكافِرونَ ﴾: جاء الأمر من الله لرسوله ﷺ في هذه السورة أن يبلغ الكافرون أمرًا عظيمًا.
﴿ لا أَعبُدُ ما تَعبُدونَ ﴾: من الآلهة في المستقبل، كما أني لا أعبدها الآن.
﴿ وَلا أَنتُم عابِدونَ ما أَعبُدُ ﴾: ثم أخبر عن حالهم، وأن الله المستحق وحده للعبادة، فعبادتكم إياه وأنتم تشركون به لا تُسمى عبادة.
﴿ وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدتُم ﴾: ثم كرر براءته من آلهتهم، للدلالة على الثبات، وتأييسهم من عبادته لها.
﴿ وَلا أَنتُم عابِدونَ ما أَعبُدُ ﴾: وأخبر عن تحقق تكذيبهم، للدلالة على أن ذلك صار وصفًا لازمًا لهم: أنهم لا يؤمنون.
﴿ لَكُم دينُكُم وَلِيَ دينِ ﴾: فلكل دينه الذي رضيه، أي: لكم دينكم الذي رضيتموه وهو الشرك، ولي ديني الذي رضيه لي ربي وهو الإسلام.
ثم بين المصنف الفرق بين الإضافتين في قوله ﴿ لَكُم دينُكُم وَلِيَ دينِ ﴾:
فإن الله في الآية أضاف للمشركين دينا، وأضاف للنبي ﷺ دينا.
وحذفت ياء الإضافة عند جمهور القراء وقرأ يعقوب بالإضافة ﴿ وَلِيَ دينِي ﴾.
والفرق بين الإضافتين:
أن دين الرسول ﷺ حمله عليه الهدى فأتبعه.
وأما دين المشركين فحملهم عليه الهوا فاحتملوه.
فدين النبي ﷺ وحي.
ودين أولئك نتاج الأهواء وأتباع الشياطين.
ومقصود هذه السورة أمران:
إبطال دين المشركين.
تأييسهم من موافقة النبي ﷺ لهم، فهو يخبرهم بأنه لا أمل أن يوافقهم على دينهم.
وإذا كان هذان الأمران هما مقصودا السورة، :point_left: فإن الآية تكون لإعلان البراءة.
فقوله لكم دينكم ولي دين، أي لكم دينكم ولي ديني فأنا برئ من دينكم كما أنكم بريئون من ديني.
ومن الفهوم السقيمة بأخرة توهم أن هذه الآية تدل على الاختيار بأن لكل أحد دينه.
ويعبرون عنهم بقوله إن الله كفل في هذه الآية حرية الاختيار في الإسلام أو الكفر، وهذا قول على الله بغير علم.
فإن هذه الآية ليست لترك الاختيار للخلق، أي ليختاروا إسلام أو كفرا، فالآية في بيان البراءة من دين المشركين ولزوم دين المسلمين الذي جاءت به الرسل.